سيد شوقي الشرقاوي: “في تسجيل نادر للشيخ فهد الأحمد الجابر الصباح (أبو الفهود) يتحدث فيه عن الخيول العربية وكيف أنها انقرضت من الوطن العربي ولم يتبق منها الدم العربي الأصيل إلا في مصر”.
وقال فهد الأحمد الجابر الصباح أن محطة الخيول بالزهراء بمنطقة عين شمس تضم العديد من الخيول العربية الأصيلة والتي لا يوجد منها في الوطن العربي بعدما انقرضت وبقي منها المهجن والمركب .
@ali.g.kamel
وعبر التاريخ نجد انه تضامن العديد من الشخصيات العربية مع القضية الفلسطينية في العديد من الميادين، سواء العسكرية أم الثقافية أم غيرهما، من بين أبرز الشخصيات التي كان لها دور في محاولة تحرير الأراضي الفلسطينية من الاحتلال الإسرائيلي نجد الأمير الكويتي الراحل فهد الأحمد الجابر الصباح.
إذ شارك الأمير في العديد من الحروب بين الاحتلال وفلسطين أو الدول العربية خلال القرن الماضي قبل أن يقتل سنة 1990، فمن هو؟ وما الحروب التي شارك فيها؟
من هو فهد الأحمد الجابر الصباح؟
ولد الشيخ فهد الأحمد الجابر الصباح في 10 أغسطس/آب 1945، وهو الابن التاسع والأصغر لأمير الكويت العاشر أحمد الجابر الصباح الذي حكم الكويت من 23 مارس/آذار 1921 حتى وفاته في 29 يناير/كانون الثاني 1950.
التحق فهد الأحمد الجابر الصباح بالجيش الكويتي ضابطاً مرشحاً في 22 أبريل/نيسان 1936، وفي 30 يونيو/حزيران 1964 أُرسل في بعثة عسكرية إلى بريطانيا للدراسة لمدة سنة بكلية الحرب البريطانية، ما أكسبه مهارات فنون قتال على الأسلحة الخفيفة والثقيلة، وعاد بعدها إلى الجيش الكويتي برتبة ملازم أول ضابط أركان في الحرس الأميري.
في 2 أغسطس/آب 1990 قتل فهد الأحمد الصباح على يد الجيش العراقي إبان الغزو العراقي للكويت عند بوابة قصر دسمان، ويطلق عليه بعض الكويتيين اسم “شهيد دسمان” أو “راعي الحرشا”، أطلق اسمه على منطقة بالكويت وهي ضاحية فهد الأحمد.
فهد الأحمد وحروب فلسطين
بعد عودة فهد الأحمد الجابر الصباح من بريطانيا بسنتين، وبالتحديد في الحرب العربية الإسرائيلية التي تعرف بحرب الأيام الستة أو نكسة حزيران، شارك الأمير منذ 29 مايو/أيار 1967 في لواء اليرموك في الأراضي المصرية حتى سبتمبر/أيلول من السنة نفسها، ليشهد الحرب العربية الإسرائيلية كاملة بكل تداعياتها.
خلال هذه الحرب عرف الأمير فهد الأحمد بصرامته في القتال، وعرف من بين أبرز الشخصيات العربية التي ساعدت في محاولة إعادة الأراضي المحتلة رغم خسارة الحرب وانتصار جيش الاحتلال الإسرائيلي فيها.
بلغ التحول ذروته في حياة الشيخ فهد الأحمد الجابر الصباح الملقب بـ”أبو الفهود”، خلال سنة 1968، وذلك بانضمامه إلى حركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح” بصفته مدرباً على الأسلحة والمدفعية في معسكر “الهامة” في دمشق عاصمة سوريا، وذلك جنباً إلى جنب مع القائد “أبو علي إياد”، وهو من مؤسسي العمل المقاوم في فلسطين.
في السنة نفسها غادر فهد الأحمد الجابر الصباح دمشق إلى الأغوار الأردنية للقاعدتين المتقدمتين القريبتين من فلسطين المحتلة، قاعدة صوقرة والمفرق، وكانت مهمته تسهيل مهمة الفدائيين للعبور إلى الداخل الفلسطيني مع قائد القوات العراقية الموجود في المفرق، وكانت من المهام التي أوكلها إليه ياسر عرفات أن يكون مقاتلاً ومدرباً جوالاً في السلط والكرامة والشونة الشمالية وغور الصافي.
بعد الانتصار في معركة الكرامة الخالدة، ورداً على الحرب المتحركة التي شنتها حركة “فتح” في أغسطس/آب 1968، وبالتعاون مع قوات “التحرير الشعبية” وقوات “القادسية” التابعة لجيش التحرير الفلسطيني، والتي غطت 7 كيلومترات من الحدود الأردنية مع الاحتلال الإسرائيلي، قصفت جيوش الاحتلال بقوة ضواحي السلط وأصابت غرفة العمليات، ليستشهد السياسي الفلسطيني خالد عبد المجيد، ويصاب الأمير الملقب بـ”أبو الفهود” ويعالج في السلط ويعود إلى الأغوار من الشونة الجنوبية وحتى الشونة الشمالية.
في أكتوبر/تشرين الأول 1968، قام الأخ أبو عمار بطلب من فهد الأحمد بالانتقال إلى الجنوب اللبناني للإشراف على تأسيس قواعد الفدائيين في منطقة الهبارية بجنوب لبنان.
وفي ظل اصطدام مفهوم الدولة مع فكرة الثورة، تعرضت قاعدة الفدائيين لحصار من قبل الجيش اللبناني. على الرغم من ذلك، أمر “أبو الفهود” بعدم إطلاق النار على الجيش اللبناني، إيماناً منه بأن العدو الرئيسي للثورة هو جيش الاحتلال ولا غيره.
تم اقتياده برفقة جماعته إلى سجن الرمل في العاصمة بيروت. عندما وصلت هذه القضية إلى أذن السفير الكويتي في لبنان، تدخل فوراً للتوسط من أجل إخراجه. ومع ذلك، رفض الشيخ الخروج إلا برفقة جماعته كاملة، الشيء الذي تحقق في آخر الأمر.
خلال معارك الشيخ فهد الأحمد الجابر الصباح مع الثورة الفلسطينية، وخلال دخوله الأرض المحتلة؛ أصيب 3 مرات بإصابات بليغة، ليعود بعدها إلى وطنه الكويت في النصف الأول من سبعينيات القرن الماضي، ويواصل منها دعمه السياسي للثورة الفلسطينية.
العودة للكويت وغزو العراق
عاد فهد الأحمد الجابر الصباح إلى بلده الكويت، وتقلد العديد من المناصب خاصة في مجال الرياضة، ليبتعد قليلاً عن الجيوش والحروب، فمن بين المناصب التي شغلها في هذا المجال:
ترأس اللجنة الأولمبية الكويتية ما بين سنة 1974 و1985، فيما أعيد انتخابه سنة 1989.
ترأس الاتحاد الكويتي لكرة القدم عام 1978، وأعيد انتخابه عام 1987.
كان عضواً في المجلس التنفيذي للجنة الأولمبية منذ عام 1985.
ترأس نادي القادسية الكويتي خلال الفترة ما بين 1969 و1979.
ترأس اتحاد كرة السلة الكويتي من 1974 إلى 1977.
تم اختياره في عام 1974 رئيساً لاتحاد آسيا لكرة اليد.
وفي عام 1980 انتخب نائباً لرئيس الاتحاد الدولي لكرة اليد.
وبعدها بسنتين انتخب رئيساً للمجلس الأولمبي الآسيوي.
كان الأمير عضواً في اللجنة الأولمبية الدولية منذ عام 1981 وحتى وفاته عام 1990.
العودة للكويت وغزو العراق / التواصل الإجتماعي
خلال لقاء مثير بين المنتخب الكويتي ونظيره الفرنسي في مرحلة المجموعات من بطولة كأس العالم لكرة القدم 1982، حدثت واقعة غريبة شهدتها مدرجات المشجعين؛ فبينما كانت المباراة تسير بشكل طبيعي، انطلقت صافرة من أحد المدرجات، أدت إلى ارتباك لاعبي المنتخب الكويتي الذين توقفوا عن اللعب، بينما واصل المنتخب الفرنسي الهجوم وسجل هدفاً رائعاً من توقيع اللاعب جيريس.
على الرغم من فرحة اللاعبين الفرنسيين بالهدف، إلا أن اللاعبين الكويتيين احتجوا على صحة الهدف، ما أدى إلى توقف المباراة. ولم يتأخر الشيخ فهد الأحمد في التدخل، حيث نزل إلى الملعب وتحدث مع الحكم ستوبار، نجح في إقناعه بالتراجع عن قراره. وبذلك، تم إلغاء الهدف، مسجلين سابقة فريدة في تاريخ كأس العالم.
بعد توقف دام 7 دقائق، استؤنفت المباراة وشوهد دخول مدرب منتخب فرنسا، ميشال هيدالغو، في نقاش مع رجال الشرطة. وفي ختام المباراة، فرض الاتحاد الدولي غرامة مالية على الكويت بقيمة 11 ألف دولار، وتم تثبيت فوز فرنسا بأربعة أهداف مقابل هدف وحيد للكويت.
كما قرر الاتحاد إيقاف الحكم وعدم إسناد أية مباراة له حتى نهاية المونديال، ووجه إنذاراً إلى الشيخ فهد الأحمد بسبب تدخله في المباراة.
خلال الغزو العراقي للكويت استشهد فهد الأحمد الجابر الصباح في 2 أغسطس/آب 1990 خلال تصديه للغزو العراقي على بوابة قصر دسمان، ليصبح بعدها رمزاً في الكويت، ولا تزال ذكرى وفاته تُحيا إلى اليوم.