شعر الخيول النادرة.. تحرص الكورية «كيوم مي يانج» على مواصلة عملها في نسج قبعة باهظة الثمن من شعر الخيول النادرة الأنواع، لتكتمل بها زينة أحد النبلاء في جيجو بكوريا الجنوبية.
شعر الخيول النادرة.. «يانج» الأربعينية حضرت مع رفيقة مهنتها المهددة بالانقراض إلى الشارقة ترجمةً لشعار «تواصُل» مع شعوب العالم المشاركة «بأيام الشارقة التراثية» بثقافتها ومورثها الشعبي بصناعة «قبعات الطبقات الراقية» الذي انحسرت مهنته على ثلاث نساء بكل كوريا الجنوبية لما تحتاج إليه عملية نسج القبعات من مهارة عالية ودقة وصبر، إذ تستغرق فترة إنجازها من ستة إلى ثمانية أشهر.
وبينما تجلس أمام طاولة خشبية دائرية تعتلي قاعدة مصنوعة من البامبو، تحدق «يانج» بعناية من خلف نظارتها بدقة نسج أناملها لشعر الخيل الخلاب بين فواصل القالب المصمم لصناعة القبعات من ضمن ثلاثة قوالب خشبية مخصصة لمهنتها النادرة.
«جيجو» تنقل تراث كوريا الجنوبية ومهنة قبعات شعر الخيل المهددة بالانقراض
تروي كيوم مي يانج التي تمارس مهنتها منذ 18 عاماً بعد أنها ورثتها عن أجدادها، حكاية قبعات النبلاء، التي يصل سعرها إلى 2.1 مليون وون بما يعادل 54 ألف درهم، إذ تتضمن ثلاث درجات أعلاها القبعة المخصصة للملك بثلاث طبقات، بينما قبعة الطبقتين لنائب الملك والطبقة الواحدة لمن منصبه دون النائب.
«جيجو» تنقل تراث كوريا الجنوبية ومهنة قبعات شعر الخيل المهددة بالانقراض
إرث نادر
يعكس جناح مقاطعة جيجو بكوريا الجنوبية المشارك ضيفَ الشرفِ الرسميِّ على «أيامِ الشارقة التراثيةِ» بدورتها 21، ما تمتلكُه هذه المحافظة من مخزونٍ ثقافيٍّ وتراثيٍّ غنيٍّ ومتنوّعٍ، يشكّلُ إضافةً نوعيةً إلى مسيرةِ الأيامِ الحافلةِ بالتميّزِ.
ويؤكد د. عبد العزيز المسلم، رئيس معهد الشارقة للتراث، أهمية مشاركة محافظة «جيجو» لنقل ثقافتها وإرثها الشعبي النادر، مشيراً إلى عمق العلاقات والروابط بين الدولة، ممثلة في الشارقة، وكوريا الجنوبية ممثلة في محافظة جيجو، من خلال اللقاءات والزيارات المهمة.
«جيجو» تنقل تراث كوريا الجنوبية ومهنة قبعات شعر الخيل المهددة بالانقراض
ولفت إلى أن الشارقة حلت ضيف شرف على معرض سيئول الدولي للكتاب خلال العام الماضي 2023، ما أتاح مهمة للتعريف بالتراث الإماراتي، وما يزخر به من غنى وتنوع، مبيناً أن استضافة محافظة جيجو لما تمتلكه من مخزون ثقافي وتراثي عريق، وخصوصاً ما يتعلق بالمهن والحرف التراثية، مثل مهنة الغوص، التي يزاولها نساء «هاينيو»، وفي الإمارات يمارس الرجال الغوص على اللؤلؤ.
الصورة
غاطسة البحر
في الجهة المقابلة من الجناح الكوري تستقبل امرأة سبعينية من نساء «هاينيو»، الحضور بلغتها (الجيجو) وابتسامتها التي لم تغيرها خطوط عمرها لتبقى بحيويتها التي منحتها إياها مهنة الغطس، وتشرح بحركات الغطس وبالصفير الذي تخرج به الزفير عند الانتهاء من مهتمها، كيفية إحضار قوت عائلتها من المياه العميقة دون معدات الغوص أو أجهزته بالاعتماد على مهارتها وقدرتها على الصمود تحت الماء.
و«الهاينيو»، وصف للنساء اللواتي يحترفن مهنة الغوص، التي بقيت تحتكرها النساء فقط في مقاطعة (جيجو) بكوريا الجنوبية، إذ فرضت عليهن طبيعة المكان التوجه إلى البحر بسبب ندرة الأراضي الزراعية.
وكغيرها من نساء جيجيو تعلمت المهنة من عمر 7 إلى 8 سنوات، وتغوص إلى عمق يصل إلى 40 متراً من دون معدات غوص، ودون أسطوانات تنفس للأوكسجين، لإخراج خيرات الطعام، من المحار القواقع، والطحالب وغيرها.
وأدرجت «اليونسكو» مقاطعة (جيجو) بكوريا الجنوبية على القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية في عام 2016، كتراث ثقافي جدير بالحفظ والصون.
الوحيدة عالمياً
تميزت جزيرة «جيجو» بأنها تكاد تكون الوحيدة عالمياً التي تعيش في قلب تراثها الشعبي حالياً، بعد أن أوقفت زحف التطور وهي تصر على مزاولة ذات المهن، وتستعمل ذات الآلات والأدوات التي استخدمها أسلافهم منذ مئات السنين.
وينقل جناح ضيف شرف الأيام تفاصيل الحياة اليومية في الجزيرة، ويعرف الحضور بالصناديق الخشبية المخصصة لحفظ المقتنيات المختلفة والملابس والقبعات وسلال المأكولات والأوعية الفخارية بمختلف أحجامها.
يذكر أن أهالي (الهانيوو) في الجزيرة يعيشون حياة بسيطة، إذ استمروا على نهج أجدادهم بصناعة حاجاتهم بأنفسهم، مثل البيوت، وأسرة الأطفال، والقبعات، والملابس، والفخاريات، وغيرها من مستلزمات المعيشة.