روان احمد ـ
“نستعيد الذاكرة للوراء لأكثر من قرن وتحديدا في الكويت من خلال قصة جميلة موثقة بالمستندات والتفاصيل،تظهر هذه القصة كيفية الاهتمام بالخيل ..القصة حدثت عام 1922 عندما سرق شخص حصاناً من مدينة لجهراء الكويتية، وأخذه إلى العراق، لتبدأ رحلة البحث عن هذا الحصان دون شرطة أو محمكة دولية”.
بلغ خبر سرقة الحصان حاكم الكويت في ذلك الوقت الشيخ أحمد الجابر الصباح، فكتب كتاباً رسمياً إلى المعتمد البريطاني في الكويت يبلغه بالأمر ويفيده بأن الحصان تم نقله إلى العراق، ليتخذ الإجراءات اللازمة في البحث عنه، وبالفعل أبلغ المعتمد البريطاني السلطات العراقية بجريمة السرقة وخلال يومين فقط تمكنت من القبض على السارق وإحضار الحصان وإرساله إلى صاحبة بالكويت.
وقبل عودة الحصان المسروق إلى موطنه الأصلي، تلقى المعتمد البريطاني بالكويت رسالة من السلطات العراقية تقول: “حضرة قنصل الدولة البريطانية في الكويت المحترم سلاما واحترام، وبعده، بناء على البرقية الواردة من حضرتكم بتاريخ 14 مارس 1922 بخصوص الحصان المسروق من الجهراء، لقد اخبرنا سعادة متصرف لواء البصرة بموجب تحريره رقم 73615/1/2/5 وتاريخ 16 مارس 1922 لعمل التحريات اللازمة.
وتابعت السلطات العراقية: “اتخذنا التدابير المقتضية، والقينا القبض على السارق ولدى السؤال منه، افادنا انه وجد الحصان يرعى في البادية ومسكه قاصدا وجلبه إلى الزبير، وفي أثناء الطريق صادف عربا يقال لهم الخليل اخذوه منه والشخص الذي أخذ الحصان يسمى صبيح بن جابر الخليل”.
واسترسلت: “في اللحظة التي تأكدنا أن الحصان تم إرساله إلى البصرة، حالا حررنا مكتوب الى سعادة المتصرف وأخبرناه عن المكان الذي فيه الحصان، وعليه قد صدر أمر المتصرف المشار اليه الى قائمقام أبي الخصيب وعثروا على الحصان وأرسلوه إلى الزبير لكي نرسله اليكم، وهذا هو واصلكم مع الشخص المسمى محمد الجدعان من اهالي الزبير، نرجو الاطمئنان بعد وصول الحصان، هذا وفي الختام اقدم فائق الاحترام”.
وما إن وصلت البرقية للمعتمد البريطاني، حتى قام من فوره بإبلاغ الشيخ أحمد الجابر بالأمر، الذي أرسل على الفور الكتاب الجوابي التالي: “من أحمد الجابر الصباح حاكم الكويت الى حضرة حميد الشيم ذو الجاه العالي الافخم المحب العزيز الميجر جي سي مور بولتكل اجنت الدولة البهية القيصرية الانكليزية بالكويت دام محروسا”.
وأضاف الجابر: بعد السلام، والسؤال عن شريف خاطركم، دمتم بخير وسرور بعده، أخذنا بيد المسرة كتابكم المؤرخ 2 شعبان 1340 نمرة 240 وبه ذكرتم أن حضرة مشاور لواء البصرة أرسل تلغراف لسعادتكم يفيد بأنه وجد الحصان الذي تم سرقته وأرسله نهار أمس الى الكويت، وإنني من صميم القلب، أشكر حضرة المشاور على هذا الصنيع، وحسن ألطافكم”.
وتوجه أحمد الجابر بالشكر إلى المعتمد البريطاني الذي أسرع في إرسال الكتيبات للبحث عن الحصان، قائلا: “بعد السلام، والسؤال عن شريف خاطركم، دمتم بخير، بيد المسرة اخذ كتابكم المؤرخ 3 شعبان 1340هــ نمرة 243 وفهم تفاصيله مع صورة المكتوب الوارد لسعادتكم من مدير الزبير مع محمد الجدعان، الذي أحضر الحصان المسروق”.
واستكمل: “وصل إلينا مكتوب صحبة المذكور من سليمان القملاس عن وصول الحصان وتأكدنا أنه نفسه الذي سرق، وإني من صميم القلب أشكر حسياتكم الجميلة، كما أود أن أشير إلى أن محمد الجدعان هو محمد بن إبراهيم الجدعان من أهالي نجد الذين عاشوا في الزبير فترة طويلة، واليوم يعيش أحفاده السبعة في مدينة الرياض السعودية ويحملون الجنسية السعودية”.