تعبر فعاليات “المرماح”، عن حب أهالي صعيد مصر للخيول العربية، واحتراف الكبير والصغير التعامل معها، على موسيقى المزمار الصعيدي في ساحات “المرماح”، التي تنتشر في كل أرجاء جنوب مصر.
المرماح، هو سباقات الخيول، ويطلق عليه «الصابية» وله فى الصعيد مواقيت معينة مثل، المولد النبوى الشريف، أو احتفالات أولياء الله الصالحين، التى تزداد انتشارا فى رجب وشعبان من كل عام، وهو فرحة الإنسان بالخيول.
يشارك فى «مرماح الخيل» ما يقارب من 1000حصان سنويا، كما يتجاوز الجمهور 10000 ألف متفرج من هواة الفروسية وسباق الخيول ويبلغ طول المرماح أو المكان المخصص للسباق نحو 3 كيلو مترات.
“اركب فرسك يا واد، ارمح واتخايل يا واد، ترفع راية جدودك، بفرس المرماح يا واد”، هذه كلمات من إحدى الأغاني الشعبية التي لا يزال يرددها أهالي وقبائل صعيد مصر، انطلاقاً من حبهم اقتناء الخيل.
السباقات تكون للرجال والشباب والشيوخ وكذلك لمن لم يتعد مرحلة الشباب بعد.
كل فارس يمسك عصا مصنوعة من الزان، وعلى الفارسين السير على القواعد بداية من حركات «المشلاوية» أى اللف وإعطاء النقطة (النقود تحية للمزمار الذى يحييهم) وانتهاء بخط السير المستقيم الذى سيقطعه الفارس على مسافة 3 أمتار، والذى يصل أولا يترجل عن حصانه.
سباقات الخيول يشد لها الرحال فى كل القرى والنجوع، حيث يتم توجيه الدعوات لكل الفوارس فى المراكز والمدن والقرى ويذهب كل عاشق للخيل للاحتفاء بحصانه والزهو به بين أقرانه.
في صعيد مصر، تقترن ذكريات الطفولة بالخيل، يعتبرونه فردًا أساسيًا من العائلة، له ركن خاص في ساحة المنازل، وأيضًا في قلوب كل كبير وصغير، حتى إنه إذا أراد شخص التباهي بنفسه وسط الجلسات اليومية يقول “إحنا اتولدنا على ضهر حصان”.
يكبر الأطفال وأمامهم أمنية أساسية: أن يصبحوا فرسانًا كأجدادهم وآبائهم، يتلهفون لتلك اللحظة، خاصة للمشاركة في المرماح.
مع كل مناسبة دينية يُنظم المرماح، وداخل حلقة يتعدد أبناء القبائل من القرى والمحافظات المختلفة، يتحدون على عدة مبادئ، تُنسى الخلافات، ولا يؤخذ في الاعتبار وجود ثأر أو مشكلات بين قبيلة وأخرى.
حين يبدأ المرماح تسير رجفة في نفس من يشارك لأول مرة، يستعرض الفارس القديم مهاراته، يمسّ الحماس بلدة بأكملها، تمتلئ الطرقات بوجود الخيول، لا يُسمع سوى الصهيل، وتهليل المشاهدين، يلتصق الغبار الكثيف بالملابس، يغمر الأنوف، ورغم صعوبة ذلك فإن الجميع يستقبله بكل حب؛ إذ يعتبر المرماح بالنسبة لهم “عيدًا” مُنتظَرًا.
حينما يبدأ المرماح يصبح كل فارس وخيله محط الأنظار، ولأجل تلك اللحظة يستعد الفرسان جيدًا، ثمة طقوس يتبعها كل فُرْسَانِ الصَّعِيدِ، سواء لأنفسهم أو لخيولهم، لكن يوم الحدث يصبح الخيل نفسه محط الاهتمام والرعاية.
تبدأ محطات إعداده بالتسبيح، ويُغمر بالمياه قبل موعد الانطلاق بثلاث ساعات تقريبًا حتى يجف جسده قبل المشاركة، لكن الطقس نفسه لا يُقام حينما ينتهي المرماح.
يُولِي فُرْسَانِ الصَّعِيدِ كل تفاصيل المرماح أهمية، لذا لا تُعد “زينة” الحصان مجرد رفاهية.
حين ينتهي الفارس من تسبيح الخيل، يعود لمنزله لتحضير “العدة”، والتي تتكون من مقعد يُطلق عليه “عضماية”، ثم تُغطى بعباية مزركشة. في مكان منفصل داخل المنزل يحتفظ الفرسان بالزينة، بينما تستقر في مكانة خاصة بقلوبهم، إذ يحتفظ البعض بزينة أجدادهم والتي ترجع إلى 150 عامًا مضت، فبالنسبة لهم كلما زادت الزينة قِدمًا، عُرف أن الفارس قديم وعتيد.
يدبّ الحماس داخل الفرسان مع اقتراب بدء المرماح، يتحرك القادمون من محافظات بعيدة قبلها بساعات، تصبح عرباتهم “اسطبل” متنقلًا للخيل للحفاظ على طاقته ومجهوده.
شاهد الفرسان أثناء ممارسة المرماح:
اقرأ أيضاً: