شبَّ الحصانُ الذي رسمَه الفنّان “عامر العبيدي”، في لوحته ” الحصان والفارس”، على صفحات الممالك الشرقية القديمة وترجّل فارسُه على القارة الشمالية، قاطعاً صحراءَ الوجد والتأمل، مستغرقاً في حالات الشُّبوب والمغامرة الفنية والانسانية.
الجمال درع حصين لا يمكن كسره، والحصان ليس أسدا فحسب، إنما هو جيش بألوية.
وحلل موقع “المدن” لوحة الفنان قائلاً: شبتّ خيولُ العبيدي، بحركتها
الرشيقة للحصان العربي، كذلك، فإنّ الفنان المرتحِل، أضاف إلى المساحة الانطباعية التقليدية للخيول رؤيا الجسد البشري في عناقه الرمزي مع علامة تكرارية تتخلل الحركة الكامنة في الشكل المعبأ بالجمال والخصوبة.
حاول العبيدي، في لوحته التي أطلق عليها اسم «الحصان والفارس» إدراك العالم بعين الفن، فالفارس نائم، لكنه ليس موهون العزيمة، والحركة في الشفتين لا يجيدها غير العاشق، بالإضافة إلى لطخة الأخضر في القدمين.
فالأسد صار حصاناً، والعدو صار فارساً، الفنان عن طريق الألوان الباذخة في اللوحة، السرج والرسن والعنان مزينة كأنما بمجوهرات عروس، البهجة الطافحة في رقصة الحصان، تنقلنا إلى طقوس شرقية في الدين وفي الدنيا.
وتابع الموقع، إنّ التناسق الجمالي لمجموعة الأشكال البيئية الأليفة، المرتحلة، التي يعرضها العبيدي بزهو “الفارس” المتسلطِن بذاته على لوحته، تشبُّ من مفاهيمها المؤطِرة لأدوار الفرسان المدرَّبين في مضامير الفن الانطباعي (تقاليد المدرسة الفروسية الغربية).
ولم يكن هذا الانتقال من تشخيصية الفضاء الفروسيّ إلى مفهومية التخيّل اللا فروسي سهلاً وقصيراً؛ إنّها المعاناة نفسها في أن تقود فرَسَك إلى معرض للسيارات الحديثة. وما يصطحبُه الفنانُ هنا ليس جسداً ميكانيكياً، إنما هو يقود بمعيته صورةً من الإشكالية التي صرَعت فنّاني الشرق منذ دخولهم عصرَ الروبوتات والحواسيب والعروض الفنية الكبيرة في عقر دارها.
الأبيض القليل في فم الحصان المفتوح المتأهب للصياح والحرب كأنما لا وجود له، تطغى عليه اللمسات البيض في الأنف والوجنة والرقبة الجسيمة.
الرمال الصفر تبين في اللوحة ولا تبين، القمر ونجومه اللامعة يبين ولا يبين، وكذلك الظل الأسود الذي يلقيه السيف والترس على الرمل.
لا يهم من الذي ينتصر، العدو المختفي أم الفارس المستريح في إغفاءته المنتشية بالوجود، الأهم في الأمر هو أن الحصان أدى دور الحارس في اللوحة بنجاح،
يكشف العبيدي في اللوحة حقيقة مغايرة، حيث بات قدر الفارس الآن مختلفاً، فلا أسد هناك ولا عدو يتحطم بين البراثن، ولكن حافرا صلبا مسالما وسعيدا يؤدي رقصته، يدوس العشب أو السجادات فقط، ويحرس في الوقت نفسه الجندي الغافي على أرض المعركة.
يمر مشاهد لوحة «استراحة الفارس» بتجربة إبصار من نوع خاص وفريد لأن أمامه لوحتين يعيش مع أحدهما من الداخل والأخرى تحيطه بمعانيها المعروفة لديه سلفاً من الخارج.
وليس من باب المغالاة القول إنه لا ينتهي من عملية المشاهدة بالانتقال إلى لوحة أخرى أو مشهد بصري آخر.
يريد عامر العبيدي أن يوقظ فينا الأحاسيس الجياشة في أعماق البشر فيما يتعلق باستخدام الجمال سلاحا في الحرب.
تلك الأحاسيس التي أضعفت وأميتت، ويهيج فينا الشوق العارم لإعادة بناء عالم أفضل.
لوحة «استراحة الفارس» هي فعل من أفعال التمرد ضد كل الكراهية التي تجعل البشرية رهينة لها على مدار سنوات طويلة جدًا مر بها بلد الفنان العراق.
اقرأ أيضاً:
رئيس الاتحاد العراقي للفروسية يتولى رئاسة اللجنة الأولمبية العراقية للمرة الثانية