أجرى موقع “التغيير” السوداني، حواراً مع حفيد أشهر العائلات المحبة للخيل في السودان، تحدث فيه عن استجلاب “عبد الرحمن المهدي”، جد الإمام الصادق، سلالات خيول من كينيا وأمريكا، حسن بها أنسال الخيول السودانية.
وورث تلك الهواية، والمحبة لحفيده الصادق المهدي، والذي نقلها بدوره لأبنائه وبناته.
يقول الحفيد بشرى: انا وجميع اخوتي ال10 متعلقين بالخيول، نحبها ومنذ صغرنا تدربنا على ركوبها والعناية بها، للمحافظة على الإرث المهدوي.
يضع بشرى “رتب المهدي” ملفوفا داخل حلى فضية، تتدلى على عنق كل حصان وفرس في الاسطبل.
وسط أصوات صهيل، ووقع حوافر “فلوة” صغيرة فرسة حديثة الميلاد تتراكض حرة في فناء اسطبل عائلة المهدي بالخرطوم.
وأكد بشرى، إن والده حرص على أن يتربوا وسط الخيول، ليتعلموا من صفاتها، فهي مخلوقات صبورة وجسورة ولا تغدر.
الخيل السبب لنيل فرسان “المهدي” النصر
فالخيل كانت سببا لنيل فرسان جده الأكبر “المهدي” النصر في المعارك، مستشهدا بقول شاعر المهدية؛ أحمد ود سعد التي مدح بها الإمام المهدي وفروسية أنصاره قائلا: بك يا الإمام محبوبنا نما الإيمان في قلوبنا وزن الفارس”اقروبنا” ووزن العجوة لالوبنا.
وتولي الصادق المهدي، منصب رئيس الوزراء مرتين وكان رئيسا لحزب الأمة منذ ستينات القرن الماضي، كان دائما ما يجد وقتا للخيل.
شارك المهدي كفارس، في أول فريق للعب البولو، -لعبة عسكرية- في السودان، في ستينيات القرن الماضي.
العيد مناسبة للتباهي بالخيول
مشهد الراحل وسط أبنائه على صهوات الخيول يوم العيد من المشاهد المحببة لنا جميعاً.
ويتابع بشرى: يضم الموكب بين 30 إلى 40 جواد بحسب الراغبين، يرتدي الجميع زيا يتم الاتفاق عليه، من “العلى الله، أو الدمور”
ويتم تحضير الخيول وتزيينها بعد صلاة الصبح، وتحمل على سيارات نقل كبيرة إلى “صينية أزهري”.
يصف بشرى لبسة ال”على الله” بأنها زيا عمليا لركوب الخيل، فالسروال فيه يصل إلى نصف الساق، وأكمامها في منتصف اليد، وبها فتحات من الأجناب تساعد على القفز وامتطاء الخيول.
السكن وسط الخيول:
من عادات الإمام المهدي، التي ورثها ابنه بشرى السكن وسط الخيول، فجهز الإمام غرفة داخل الاسطبل خصصها لأوقات الخلوة.
بشرى أيضا من عاداته الهرب إلى الاسطبل قائلاً: “أهرب من مآسي الحياة الكثيرة لأبقى وسط الخيول، تروح عني، هي صديق وفي ومخلص”.
والسكن وسط الخيول بالنسبة للإمام الصادق، أخذه جده “عبد الرحمن” إلى الجزيرة أبا عندما كان صبيا يافعا، وقلده مسؤولية عدد من الخيول مع مجموعة من الأحفاد، يقوم بنظافتها، وتجهيزها، ويهتم بأكلها وشربها.
الحصان يظل واقفا مهما كان به من ألم
يقول بشرى: الحصان يظل واقفا مهما كان به من ألم أو مرض، وكل اسمائها مأخوذة من صفاتها الحقيقية، جياد=الجود، خيول= الخيلاء، فرس= الفرسان والفراسة.
الحصان يتطبع بطباع صاحبه، بشرى لا يفضل الخيل المتراخي الذي لا يجري إلا بالضرب فيقول: “لا أركب الخيل المتراخي ولا أحبها”، فالتراخي من علامات الكسل، والخمول، أفضل الخيل المندفعة الجسورة.
أسماء الخيول:
“فلوة” صغيرة عمرها أقل من شهرين تتراكض في ساحة الاسطبل، اسمها علوة.
يقول بشرى إن آخر زيارة لوالده للاسطبل وجد أمها الفرسة “بشرانة” حبلى بها، وأوصى ابنه بشرى أن يطلق عليها اسم “علوة”، وهي الاسم الذي تحملة الفرسة الصغيرة الآن.
و”علوة” التي سميت بها الفرسة الوليدة تيمنا، هي فرسة سباق كان يمتلكها الإمام “عبد الرحمن المهدي”، كانت اسطورة في ميادين السباق، ولا يستطيع حصان أن يسبقها.
وأضاف بشرى: عندما تشارك في سباق يسحب الجميع خيولهم، ويتم تنظيم عرض لها، تجري فيه وحدها، ومن ثم تمنح الكأس”.
دائماً يختار الصادق أسماء لخيول قديمة كانت تسمى بها الخيول، منذ عهد المهدية، وورثها الإمام لخيله.
بشرى يعرف سلالة جميع الخيول في الاسطبل، حتى أجدادها، وضرب مثلا بحصان اسمه مهرجان، سمي به مهرجان الموجود باسطبل المهدي الآن.
هو ابن حصان اسمه “فاين بوينت” وأمه فرسة اسمها “اولمبيك فليم”، وهي بدورها ابنة فرسة اسمها اوديسا، ابنة فرسة اسمها مس خرطوم2، ووالدتها اسمها “مس خرطوم1”.
الحصان عصار
يمتلك بشرى حصان اسمه “عصار”، يشارك به في لعبة البولو، وكل الصور المتداولة لخليفة المهدي على صهوة حصان هو عصار صاحب الاسم الأول.
كتب فيه الشعراء: شدولو ركب فوق الحصان عصار، ومتل الهالة فوقو دارت الأنصار، الكفر النجوس من غير جهاد وحصار طاروا منه زي الريشة شالها عصار.
الخيول الموجودة باسطبل العائلة تحمل أسماء: الدروع، وراية، المسبعات، وجبير، وبشرانه، عصار، ومبين، ورابحة، والفاشر، ومهرجان، إلى جانب حديثة الولادة: “علوة”.
كان المهدي يفضل امتطاء الحصان جبير، ومبين، وبعد وفاة الصادق المهدي بدا جبير حزينا وكأن الدموع رسمت خطا على خده.
هواية مكلفة
يطعم بشرى خيوله ثلاثة مرات في اليوم، تتكون الوجبة “العليقة” من الذرة مخلوطة بالقمح، أو الشعير بالردة وتساهم في تليين البطن ويخلط السكر والملح والعسل والزبيب مع وجبات الحصان.
الخيول تنجب مرة واحدة في السنة، اذ تمتد شهور الحمل لديها بين 10 أشهر ونصف إلى 11 شهر، وتنجب في العادة مولود واحد.
وليس محبذا أن تنجب أكثر، وفي حالات نادرة عندما تنجب الفرسة تؤام، يموت أحدهما عادة.
يشتكي بشرى من تأخر الطب البيطري، ففي الغالب لا يستطيع أن يتوفر طبيب حال مرض أحد خيوله، وحتى العلاج ليس متوفرا.
“النجمة” من أخطر الأمراض التي تصيب الخيول، وهو فيروس يصيب الجهاز التنفسي، لأنها تحتاج لتطعيم معين، ومعدية، مما يقلل من مشاركة الخيول السودانية في الخارج.
وأكد بشرى، أن الخيل دايرة مال قارون، وصبر أيوب وعمر نوح.
الخيول التي يتم استجلابها من الخارج تضع لها أجهزة تكييف في حظائرها لأنها لا تتحمل حر السودان.
شامبو لحمام الخيل
ونسبة لمحبة الخيل للنظافة؛ يقوم السائس بمنحها حماما ب”شامبو” خاص بها.
وهناك طريقة أخرى لنظافة الخيل تسمى ب”كركاعة”، يتم فيها تمسيج جلدها بفرشاة بها أسنان حديدية ناعمة، تمنح الخيل مساج ونظافة في ذات الوقت.
ويشارك الفرسان السودانيون، بدون خيولهم، ومن ضمنهم بشرى، في مسابقات البولو الخارجية –التي تعتبر ثاني أخطر رياضة بعد التزلج على الجليد، يقول بشرى إنه فقد ثلاثة خيول في ميدان البولو بالخرطوم.
لا يحبذ بشرى، رياضة السباقات، يعتبر أنها تقلل من قيمة الخيل، ويعتقد أنها تملك إمكانيات أفضل من ذلك بكثير.
اقرأ أيضاً:
صور نادرة للفحل “سيد أبوهم” أشهر الأفحل المنتجة في تاريخ الخيول المصرية