يعتبر استخدام الخيل في الحرب العالمية الأولى فترة انتقالية في تطور الصراعات المسلحة، وكانت وحدات سلاح الفرسان أحد العناصر الهجومية الأساسية في القوات العسكرية.
ولكن خلال الحرب العالمية الأولى، أصبح من الواضح ضعف تأثير سلاح الفرسان أمام المدافع الرشاشة الحديثة ونيران المدفعية، مما اضطر أطراف النزاع إلى تعزيز استخدام القوات الميكانيكية، وتقليل الاعتماد على وحدات الفرسان، كما كان لتطور الدبابات خلال نفس الفترة شأنه، حتى أنها أصبحت البديل لوحدات الفرسان عند القيام بهجوم مفاجئ.
وبالرغم من ضعف تأثير سلاح الفرسان في هذه الفترة، إلا أنه لعب دورًا هامًا طوال فترة الحرب، واستخدم كل أطراف النزاع الرئيسيين في الحرب العالمية الأولى، قوات سلاح الفرسان في بداية الحرب.
توقفت ألمانيا والنمسا والمجر عن استخدامها في الجبهة الغربية، بعد فترة وجيزة من بدء الحرب، لكنها واصلت استخدامها بقوات محدودة على الجبهة الشرقية، وعلى الجانب الآخر استخدمت المملكة المتحدة المشاة المحمولة وسلاح الفرسان طوال فترة الحرب، بينما استخدمت الولايات المتحدة سلاح الفرسان لفترة قصيرة فقط.
وبالرغم من عدم نجاح قوات فرسان الحلفاء على الجبهة الغربية، إلا أنها حققت بعض النجاح في المعارك التي دارت في الشرق الأوسط، ربما يرجع ذلك جزئيًا إلى مواجهة عدو أضعف وأقل تقدمًا من الناحية التكنولوجية.
أما العثمانيون، فقد استخدموا سلاح الفرسان على نطاق واسع خلال تلك الحرب، كما استخدمت روسيا قوات سلاح الفرسان على الجبهة الشرقية، ولكن بنجاح محدود.
واستخدمت الجيوش الخيول أساسًا لتقديم الدعم اللوجستي أثناء الحرب، حيث كانت أفضل من المركبات الآلية في التنقل في الأراضي الموحلة والوعرة، كما استخدمت لأغراض الاستطلاع وحمل الرسائل، فضلاً عن جر المدافع وسيارات الإسعاف وعربات الإمدادات.
وكان لوجود الفرسان أثره في زيادة الروح المعنوية بين الجنود في الجبهة في كثير من الأحيان، ولكنها ساهمت أيضًا في انتشار الأمراض في المعسكرات بسبب الروث والجثث.
كانت الخيول ذات قيمة كبيرة أثناء الحرب ويصعب تعويضها، حتى أنه بحلول عام 1917، أصبح من المعروف بين بعض الجنود، أنه فقدان حصان أسوأ من الناحية التكتيكية من فقدان جندي، وحين منعت قوات الحلفاء إمدادات الخيول إلى قوات المحور المركزي المحاصرة، ساهم ذلك في هزيمة ألمانيا، ومع نهاية الحرب، حتى الجيش الأمريكي ذو الإمدادات الجيدة، افتقر للخيول.
كانت الظروف قاسية على الخيول في الجبهة؛ فقد قتلوا بنيران المدفعية وعانوا من الأمراض الجلدية وتسمموا بالغاز، مات مئات الآلاف من الخيول، كما عولج العديد منها في المستشفيات البيطرية، وأعيد إرسالها إلى الجبهة، وكان توفير العلف للخيول من المشاكل الرئيسية، فقد خسرت ألمانيا العديد من الخيول جوعًا بسبب عدم وجود العلف.
وشُيدت عدة نصب تذكارية للاحتفال بالخيول التي ماتت في الحرب، كما ظهرت العديد من الروايات والمسرحيات والأفلام الوثائقية التي استعرضت استخدام الخيول في الحرب العالمية الأولى.
وفي يناير 2010، بثت قناة أمريكية متخصصة في التاريخ، فيلمًا وثائقيًا بعنوان “حصان الحرب الحقيقي”، التي وصف حال الخيول أثناء الحرب العالمية الأولى.