في مدينة صغيرة وسط تونس تظهر ملامح أشهر معالم تربية الخيول في الوطن العربي، وتتمتع مدينة “المكناسي” التابعة لولاية “سيدي أبو زيد” بشهرة واسعة في دنيا الخيول، ساعدها في ذلك ملائمة طقسها لتربية الخيول العربية الأصيلة.
وتطورت تربية الخيول فيها من مجرد حرفة بسيطة إلى أن فرضت على السلطات المحلية تنظيم “مهرجان دولي للجواد العربي” في المدينة.
وتسلم الناصر القاسمي إدارة المهرجان في دورته الثلاثين وقال: إن المهرجان ركز على موضوع الجواد لدى الشباب، وإن الجواد العربي جاء مع زحف بني هلال على تونس، إلا أنه كاد يختفي مع نهاية القرن التاسع عشر، ولم تكن الأفراس موثقة بالكامل في تسلسل عائلي معروف في ميدان تربية الخيل إلى أن أعاد الفرنسي لوفيس سنة 1911 تربية الجواد العربي الأصيل إلى مدينة المكناسي، وجلب لأجل ذلك الجواد العربي من سوريا، وتكاثرت سلالته، ووصل عدد الخيول العربية الأصيلة التي يربيها إلى حدود 400 حصان، وكان يقيم لذلك حفلا سنويا لسباق الخيل كان المعمرون الفرنسيون يحضرونه بكثافة.
وأضاف: وأقام لوفيس بالمدينة منذ سنة 1913 أول إسطبل لتربية الجواد العربي الأصيل، وبهذا أصبحت مسالة تربية الخيول العربية الأصيلة ميزة من ميزات المكناسي.
وتابع القاسمي: “المعمر الفرنسي كان بإمكانه أن يجلب الخيول الإنجليزية إلى المنطقة، لكنه كان مقتنعا تمام الاقتناع بأن الجواد العربي هو الملائم للمنطقة، خاصة من حيث المناخ الجاف الذي لا توجد به رطوبة، كما أن الغطاء النباتي المتكون في معظمه من النباتات الطبية يسهم بدوره في جعل المنطقة مميزة بتربية الخيول العربية الأصيلة، كما تفيد المراجع التاريخية أن إبراهيم الثاني إبان الدولة الأغلبية التي قامت في تونس، قد تزود من منطقة المكناسي بقرابة 800 جواد”.
وواصل: “وتكثر أسماء الخيول في تونس، ومنها: “كريمة، إغاثة، زعلة، حميدة”، ومن هذه الخيول تفرعت أعداد كبيرة بمدينة المكناسي، ومنها: “عناني، وقار، قبله، ودعة، عكرمي، ووهره”.
ويقول رضا الغابري، أحد مربي الخيول العربية الأصيل في مدينة المكناسي: إن أبيه هو الذي أدخله عالم الخيل فاشترى أول فرس عربية أصيلة سنة 1958، وأن اسم أول فرس اقتنتها العائلة كان اسمها “نويرة”.
ويؤكد الغابري، أن العناية بالخيل العربي تبدأ من العناية بالفرس الأم، حيث إنها يجب أن تتلقى تغذية خاصة أثناء حملها، وإنه يجب عليها ممارسة المشي لتسهيل ولادتها، كما أن العناية الطبية مهمة في هذه المرحلة، مشيرا إلى أن فترة الفطام صعبة، وغالبا ما يعوض حليب الأم بحليب الماعز أو حليب الإبل، وتتم تغذية المهر الصغير خلال الستة أشهر التي تلي الفطام وذلك عن طريق العلف المخلوط بزيت الزيتون ويعطى قرابة الكيلو يوميا.