كتبت بسمة محمود تخليد الحصِان على هيئة مسكوكات من الذهب منقوش على أحد وجهيها حصان يرفع قدميه وكأنه يرقص، والوجه الآخر نقش عليه كتابات باللغة الهيروغليفية بمعنى ذهب جيد.
و كان ذلك قبل العهد (الهلينستي) بوقت طويل، ويتميز هذا العهد بمظاهر الحضارة التي زخرت بها الثقافة اليونانية التي أخذت في البزوغ بعد وفاة الإسكندر الأكبر عام 323 ق.م، واستمرت حوالي مائتي سنة في اليونان وحوالي 300 سنة في الشرق الأوسط.
تخليد الحصِان لم تقف عند العهد (الهلينستي) فقط، بل بدأت الحضارة الفينيقية في شرق البحر الأبيض المتوسط وغرب الهلال الخصيب قبل 2500 عام قبل الميلاد، تشمل المناطق الساحلية في شمال فلسطين اليوم ولبنان وجنوب سوريا، وصولا إلى الشمال مثل أرواد.
بدأت المسكوكات النقدية الفينيقية ما بين القرنين 4 و5 ق.م، تحكي قصة الحصان بصور مختلفة، حيث نقشت عليها صورة ملك صيدا الفينيقي وهو يركب على عربة الحصان، كما شهدت هذه الحضارة في القرن الـ6 ق.م، وبالتحديد في مدن الشاطئ الشرقي من البحر الفينيقي، أقدم مظاهر صور الحصان فوق المسكوكات النقدية، وأخذت قصة الحصان في الانتشار، حتى ظهرت نقوش الحصان على المسكوكات النقدية الفينيقية إلى منطقة شمال إفريقيا، بالتحديد في مدينة قرطاج، حيث كانت على شكل مسكوك فضي نقفوقه الحصان وشجرة نخيل، وقد تداولت نفس تلك المسكوكات النقدية الذهبية، بشكل كبير في القرنين 4 و5 ق.م.
ويرجع سبب ارتباط نقش قصة الحصان مع شجر النخيل، على المسكوكات الفينيقية في شمال إفريقيا إلى أن انتشار شجر النخيل المثمر وخاصة في ليبيا، بالإضافة إلى أن قصة الحصان كانت رمزا من رموز ليبيا في العصور القديمة، على اعتبار أن الحصان من آلهة الحرب.
قصة الحصان مع حبوب القمح
تخليد الحصِان عبر التاريخ العديد من الصور، وانتشرت المسكوكات النقدية الفضية في شمال إفريقيا، من فئة (التترادراخما)، ونقش فوقها صورة الحصان وأمامه وعاء به حبوب القمح، وفي الخلفية ظهرت إلهة النصر (نيكة) المجنحة بشكلٍ متطاير وهي تظلل على الحصان، أما في القرن الـ4 ق.م، وبالتحديد في مدينة (قرطاج) فظهر مسكوك نقدى فضي من فئة التترادراخما، نقش فوقه رأس ورقبة الحصان فقط، وترتبط جدائل شعر الحصان مع جذور شجر النخيل، وأسفل ذلك كتبت كلمة فينيقية.
قصة الحصان الأسطوري المجنح على السكوك
- شهد تخليد الحصان تطورا خلال سك المسكوكات النقدية الإغريقية، التي شهدت زيادة ظهور نقوش الحصان ومظاهر الفروسية، وخاصة المسكوك (الكورنثيني) في القرن الـ6 ق.م، الذي ركز على الحصان الأسطوري المجنح (بيجاسوس)، الذى كان له دور كبير في الأساطير الإغريقية، حيث نقش فوق السكوك النقدية من فئات (الستاتير) و(الدراخمة)، الحصان المجنح (بيجاسوس)، بينما نقش فوق السكوك من فئة الأودول صورة، ونقش فوق فئة النصف أودول صورة رأس الحصان.
قصة الحصان والإنتاج الاقتصادي والزراعي
- مظاهر سيطرة تخليد الحصِان على المسكوكات، سواء في مصر أو خلال العهد (الهلينستي)، أو التاريخ الفينيقي، كان لها مدلول، يؤكد أن الحصان كان شعارا لتلك المدن، ومؤشر على قيمة وفئة السكوك، وعلاقته بالإنتاج الاقتصادي والزراعي مثل ظهور شجر النخيل والقمح بجانب الحصان في نقوش المسكوكات.
قصة الحصان على المسكوكات في العصر الكلاسيكي
في القرن 4 ق.م، وبالتحديد في بعض مدن جنوب إيطاليا، زاد استخدام قصة الحصان على المسكوكات في العصر الكلاسيكي، ومنها سكوك من فئة 4 دراخمات، وكانت تظهر نقوش على الوجه الأول للسك عربة حربية تجرها أربعة خيول، وعلى الوجه الثاني تظهر نقوش رأس الإله هيراقليس وهو يرتدي على رأسه شكل أسد.
وقد انتقلت عادة نقوش قصة الحصان إلى إيطاليا عن طريق الفينيقيين في جزيرة صقلية، ومنها إلى بلاد اليونان، عن طريق مدن آسيا، ومنطقة مقدونيا ومدن بحر إيجة من خلال (الفينيقيين) أيضا، حتى إن منطقة مقدونيا ذاع صيتها برعاية الخيول وتربيتها، مما يرجع ذلك ظهور نقوش الحصان فوق المسكوكات النقدية، بصورة كبيرة وفى وقت مبكر، حتى أخذت السكوك من فئة (الأوكتادراخما) منذ عام 495 ق. م، حتى عهد الملك (الإسكندر الأول).
قصة الحصان في مدن البحر الأبيض المتوسط
خلال القرن الـ5 ق.م، ظهرت مسكوكات نقدية في العديد من مدن حوض البحر الأبيض المتوسط، ركزت على 3 أشكال لقصة الحصان، من المسكوكات النقدية الذهبية من فئة 4 دراخمات، بوزن 20 جراما، ويظهر الوجه الأول للسك نقوش عربة يجرها حصانان يطلق عليهما (ديدريقا)، أما الوجه الثاني فكان متغيرًا، حيث ظهرت صورة عربة يجرها نفس الحصانين وتقودهما الإلهة أرتميس، أو عربة تجرها 4 خيول، أو صورة حصان مع الآلهة مع رأس الأسد.
انحصار نقوش قصة الحصان في المسكوكات
أخذت مظاهر استخدام نقوش قصة الحصان في المسكوكات تنحصر في نهاية القرن الـ4 وبداية بزوغ القرن الـ3، في عهد الإسكندر المقدوني، وكان آخر ظهور للحصان في السكوك في عهد الملك فيليب والد الإسكندر المقدوني، وكانت عبارة عن فئات ذهبية من الستاتير، وكانت خطوة استباقية لتوحيد العملة في بلاد اليونان، حيث نقش في الوجه الأول صورة الإله أبوللو، والوجه الثاني تظهر صورة العربة الحربية يجرها الحصان، كما ظهرت نقوش صورة الإله زيوس للوجه الأول فوق سك آخر، والوجه الثاني نقش فوقه صورة فارس حرب يركب على ظهر الحصان وكأنه يجري بسرعة بالغة.
قصة الحصان في العهد البطلمي
في التاريخ البطلمي انحصرت نقوش المسكوكات على صورة عربة يجرها حصانان، أو تجرها 4 خيول تقودها الإلهة نيكة إلهة النصر، فئات 4 دراخمات، وأخرى مزدوجة، ونصف الدراخمات.
قصة الحصان في المملكة السلوقية
المملكة السلوقية شكلت إحدى دول ملوك طوائف الإسكندر، التي نشأت بعد موت الإسكندر المقدوني، وخلال القرنين الثالث والثاني قبل الميلاد، لم يتخل سلوقس الأول نيكاتور أحد قادة جيش الإسكندر الأكبر الذي اعتلى على عرشها، عن عشقه للخيول والفروسية، لذلك أمر بسك فئة نقدية ظهرت عليها نقوش صورة حصان ذي القرنين الذي كان يمثل الرمز الشخصي للملك، كما أمر بسك فئة نقدية أخرى يظهر فوقها نقوش الحصان، وأخرى نقوش لصورة فيل، أو فئة أخرى يظهر بها وجه للحصان والوجه الآخر للفيل، وكانت تظهر نحلة تحوم فوق رأس الخيال، أو كلب.
قصة الحصان والملك سلوقس إله الشمس في مصر
سكت مسكوكات نقدية من فئة التترادراخما إبان الملك سلوقس الرابع، ظهرت فوق الوجه الأول، نقوش صورة الملك باللباس الملكي مع التاج المرصع، رمزا للإله هليوس إله الشمس في مصر، أما الوجه الثاني فتظهر نقوش صورة عربة حربية يقودها حصانان ويعتليهما فارسان يتجهان نحو اليسار، والخيول وكأنها تقفز بقوة وفي الخلفية زهرة اللوتس.
اقرأ أيضًأ:
جميع المؤسسات الدولية تقدر الخيول المصرية العربية
شاهد .. رئيس التنمية الزراعية: الخيل المصري الأصيل يعتبر أجمل خيول العالم
بالفيديو .. البطولة الدولية الـ21 لجمال الخيول العربية الأصيلة