كتبت بسمة محمود
الظاهر بيبرس، كان مولعًا بقصة الحصان العربي، وبركوب الخيل، ومغرمًا بالرياضة البدنية والتمرينات العسكرية ويمنحها مزيدًا من وقته وجهده، حيث أنشأ لذلك ميدانًا مخصوصًا بين القلعة وقبة النصر، لذا كان عاشق الخيول لقبًا مستحقًا ، حتى أنه أسس نظام بريد يقوم على الخيل والحمام الزاجل.
حشد بيبرس لمواجهة عدوه كل العتاد من الخيول والفرسان والسلاح، وكان له تأثير في إدارته للدولة والجيوش والمعارك، كما ساعدته كثيرًا في انتصاراته العسكرية، وحملاته ضد الفرنجة والمغول، عشقه لـ قصة الحصان العربي.
عاشق الخيول
عرف بيبرس بعشقه لـ«قصة الحصان العربي»، ولسباق الخيول العربية الأصيلة، ويحكى أنه أثناء سفره من الإسكندرية متجهًا إلى القاهرة، توقف وأمر المستوطنين في الصحراء بالسباق، وجمع منهم ألف فارس من منطقة يطلق عليها «تروجة»، ثم ضم إليهم الخيول العسكرية، فيما تقدم الملك الظاهر بيبرس على قمة التل، بعد أن قام بتحديد علامة لمدى السباق، ومهما طال الحديث عن هذا الفارس المغوار عاشق الخيول ، الذي حافظ على لياقته البدنية حتى وفاته، لن ننتهي من ولعه واهتمامه بـ«قصة الحصان العربي».
قصة الحصان العربي.. والمشهد المهيب للجيش
كان ضمن هوايات الملك الظاهر بيبرس، غير ولعه بـ«قصة الحصان العربي»، هواية رمي السهام، حيث كان يأمر العساكر بالاستعداد لركوب الخيول، للمشاركة في عرض عسكري حتى يشهده العامة، ولضيق الساحة اشترك في العرض من كل 10 جنود، اثنان فقط، كل ذلك، وهم يرتدون أحسن الثياب، حتى يتقدمهم السلطان بيبرس، وحوله الألوف من الأمراء والمماليك، ثم بدأ كل منهم في رمي الرماح، بعد أن صفهم السلطان واندفع بهم كالعاصفة، حتى جعل لكل من يصيب الهدف جائزة على حسب وضعه ومكانته في الجيش، ثم استعرض عاشق الخيول جيشه مرة أخرى بالنبال تارة و بالرماح تارة، بالسيوف المسلولة تارة أخرى، ثم سل سيفه هو الآخر، حتى حمل هو وجيشه السيوف مرة واحدة في مشهد مهيب.
حكاية الخيل البلق!
لن تنتهي قصة الحصان العربي، طالما كان بيبرس عاشق الخيول يُضفي على حكمه نوعًا من الزعامة والنفوذ على البلاد الإسلامية، بعد انقطاع الحج لمدة 12 سنة جهز له بيبرس سنة 666، بسبب فتنة المغول، واغتيال الخليفة العباسي، وكان أمير مكة حينها أبي نمي محمد بن الحسن، على خلاف مع المغول، وعندما وصل الحجيج المصري على أعتاب مكة منعوا من دخول المحمل، وهو يعنى الموكب الذي كان يخرج من مصر كل عام حاملًا كسوة الكعبة، وظل هذا المحمل يخرج منها منذ عهد شجر الدر والمماليك حتى بداية منتصف الخمسينيات، فقال أمير المحمل لأمير مكة: أما تخاف من الملك الظاهر بيبرس؟ فقال: دعه يأتيني على الخيل البلق! أي على ظهر فرس تجمع بين السواد والبياض.
وعندما عاد أمير المحمل وأخبر السلطان بيبرس بما قاله أمير مكة، فتوجه للحج في الموسم التالي، جهز في كل موضع خيل يركبها، حتى يشعر بالراحة، حتى قطع المسافة بسرعة، ووصل مكة في 17 ذي الحجة ليلا، وكان الحجيج على جبل عرفات، فأندهش أمير مكة لهذا الموكب من الخيول والفرسان على خيل بلق ثم قال لهم من أين جئتم، من العراق أو من الكوفة أو من العجم أو من الترك؟ فقال بيبرس: أليس قد قلت دعه يأتيني على خيل بلق؟! أنا الملك الظاهر جئتك على الخيل البلق! فأعتذر للسلطان، وتعهده بيبرس بألا يمنع زائر ولا يعترض التجار، وأن تكون الخطبة والدعاء له، ومنحه 10 آلاف درهم في كل سنة، فأبطل الجباية، وكان ذلك في صحائف الملك الظاهر بيبرس، الذي غسل الكعبة وعلق كسوتها بيده.
الهجوم على مخازن السلاح وإسطبلات الخيول بالقاهرة
عشق بيبرس لـ قصة الحصان العربي، ساعده في القضاء على التمرد الفاطمي بالقاهرة، التي قادها رجلا فارسي الأصل يدعى «الكوراني»، بهدف عمل بلبلة لعودة الفاطميين، وكأنها إعلان العصيان على الظاهر بيبرس، عن طريق السير ليلا في الشوارع، والهجوم على مخازن السلاح وإسطبلات الخيول التي كانت تمثل حينها العدة، وأخذوا ما بها من سيوف وخيول، ولكن بيبرس نجح في محي المتمردين والقبض على «الكوراني»، وصلبه على باب زويلة، وانتهت معها محاولات عودة الفاطميين إلى الحكم.
قصة اللعبة المملوكية
لم تقتصر قصة الحصان العربي على خوض الحروب والمعارك في العصر المملوكي فقط، بل كان وسيلة من وسائل الترفيه أيضا، حيث لعبت الخيول فيها دور البطولة، ومن أشهر الألعاب في تلك الحقبة، لعبة «القبق» أو «القرع العسلي»، فهي نوع من ألعاب الرماية، تمارس على ظهور الخيول، من خلال تسديد السهم أثناء ركوب الخيل على أن يكون الفارس مسرعا، ومن أشهر السلاطين المملوكين الذين اشتهروا بممارسة هذه اللعبة، الملك الظاهر بيبرس، كما شيد لها ميدان «القبق» خارج باب النصر، وهو ما يعرف الآن بصحراء المماليك الممتدة بشارع صلاح سالم بشرق القاهرة.
الظاهر بيبرس يرتب وظائف لرعاية الخيول
ولى الملك الظاهر بيبرس جماعة كثيرة من الأمراء والأجناد لرعاية والاهتمام بـ«قصة الحصان العربي»، ورتبهم في الوظائف: كالأمير أخور، والسراخور، والسقاة، والسياس، وكانت من أهم واجبات سائس الخيل تقديم النصيحة لخدمتها، واشتهر السواس بتعليق حرز يشتمل على بعض آيات القرآن على الخيول لحمايتها، ومن بين صفوف السواس يأتي الأسطوات ويتطلب دوره إلى هذه الرتبة أن يكون مطلعا على قصة الحصان العربي، ومعرفة أوجاعه وأمراضه وما يوافقه من الأدوية، ويشترط أن يكون مربى، أم الأسطى فيجب أن يكون يعلم بسياسة الخيول، بالإضافة إلى الجشارية، والبياطرة، ومكارية البغال والمباشرين على الإسطبلات.
ومن أشهر الوظائف التي ولاها الظاهر بيبرس لرعاية الإسطبلات الخيول في العصر المملوكي، أخوريه وهم كبار الجماعة الذين يتولون علف الخيول، فضلا عن الصبية الذين يتولون السقاية.
اقرأ أيضًأ:
جميع المؤسسات الدولية تقدر الخيول المصرية العربية
محمود الضبع: محطة الزهراء للخيول محط أنظار العالم
رئيس تحرير “الكنوز المصرية”: هناك 1400 مزرعة خيول في القطاع الخاص