كتبت بسمة محمود
أهمل إلهامي باشا نجل عباس باشا شتات الحصان العربي فكان الوريث الوحيد لوالده وعمره وقتها لم يتجاوز الـ18 عاما، بعد وفاة والده عباس باشا، ثالث حكام مصر من الأسرة العلوية وفي عصره عاش الحصان العربي أزهى عصوره الذي طالما عشق الحصان العربي ومنحه من وقته ورعايته ومجهوده الكثير والكثير، ولكن نجله إلهامي باشا لم يرث حب الخيل مثل أبيه، فتجاوزها وأهمل مرابط الخيل ومزرعة الدار البيضاء التي ورثها عن أبيه، وأخذ (إلهامي باشا) في التخلي عن بعض الخيول، حيث كان من المستحيل الحفاظ على كل تلك التركة دون أن تحظى بالرعاية الكافية، فأخذ ملك (فورتمبرج) بألمانيا ثلاث منها عام 1858، بداية بفحل رمادي اللون أطلق عليه اسمه (إلهامي)، وبعدها أخذ الحصان (سليمان) ثم الفرس (زريفة).
اندثار الحصان العربي بعد زواج إلهام باشا
تزوج (إلهامي باشا) من ابنة السلطان العثماني، فبعث إلى إسطنبول عددا من الأحصنة، وطالما كان يمنح أعدادا من أجود الخيول إلى عاصمة الإمبراطورية الرومانية، ولأصدقائه هناك، لتندثر قصة الحصان العربي بعد أن كانت ملء السمع والبصر، حتى أنه لم يتبقَ سوى (350) فقط من الألف رأس التي كان يمتلكها والده (عباس باشا) خلال فترة توليه السلطة.
الاستيلاء على الخيول بالسرقة والنصب
وأخذ الإداريون استغلال عدم مبالاة الوريث الوحيد (إلهامي باشا)، بقصة شتات الحصان العربي، من مرابط ومزارع، فأخذوا يستولون على الخيول عن طريق السرقة والنصب، حتى آلت أجود خيول مزرعة (الدار البيضاء) إلى قبضة هواة الخيول من أصحاب الجاه والمنعمين منهم وتقديمها كرشاوى للسواس.
تهاوت قصة الحصان العربي أكثر
عندما انتقل (إلهامي باشا) إلى رحمة الله، في عام 1860م، فأودعت جميع ثروته إلى البنك المصري، وأخذت الحكومة المصرية في بيع باقي مرابط الخيول التي تبقت من إرث (عباس باشا) التي وصل عددهم إلى 350 رأسا، والتي قام بضياعها وريثه الوحيد.
رئيس مزرعة “فيورتيمبرج” يحكي في مذكراته
وبدأت قصة الحصان العربي تأخذ منحدرا آخر، عندما أرسل بنك مصر لائحة بالخيول التي سيتم بيعها في المزاد العلني، إلى مصادر مختلفة، وبالفعل ترأس هيئة المزاد (أدهم باشا) وزير المعارف السابق، في عهد (عباس باشا)، وشارك في المزاد هواة وعشاق الخيول العربية في أوروبا، وعلى رأسهم رئيس مزرعة الخيول الألمانية (فون هيجل)، الذي قاده شغفه إلى الوصول إلى مصر قبل موعد المزاد بأيام.
شتات الحصان العربي
قال (هيجل ) في مذكراته: “إن أكثر شيء مثير لفضول عاشق لـ قصة الحصان العربي مثله، حضوره وهو يرى شرفات قصر (عباس باشا) وهي تطل على الحظائر التي كان ممنوعا من دخولها عندما كان (عباس باشا) على قيد الحياة، بل والاستمتاع بأجود أنواع سلالات الخيول العربية الأصيلة وهي مصفوفة على شكل مجموعات داخل 8 مقصورات في الإسطبل المحاط بجدرانه الحجرية العالية، وكيف تعيش في طبيعة تناسب مناخ مصر، كان قد أعدها (عباس باشا) بعناية لحمايتها من حرارة الشمس بغطاء دون أن يحجب عنها السماء الصافية.
قصة الحصان العربي كما رواها (هيجل)
واعترف (هيجل) في مذكراته الشهيرة، التي كتبها عشقا لـ قصة الحصان العربي، أنه عندما رأى الخيول العربية الأصيلة في مرابط خيول (عباس باشا)، لم يتوقع أن الأفراس تكون بهذا الحجم، وتتسم بهذا الطول والقوة، حتى بيع منها 30 حصانا، 14 منها، كما تم استيرادها، 110 من الأفراس، و180 مهرا.
قصة الحصان العربي (قادر)
وبروح من الفكاهة التي تتسم بها الروح المصرية، استكملت قصة الحصان العربي مسيرتها، واستمر المزاد حتى 3 أيام، بدءا من الـ 10 صباحا، حتى 3 عصرا، باللغتين العربية والإيطالية، وحددت الأسعار حينها بالجنية الإسترليني، وعلقت بطاقة على كل فرس ليكتب عليها السلالة والاسم وباقي المواصفات، كان هناك مكان مجهز لعشاق قصة الحصان العربي الأصيل للأوروبيين على يمين القاعة، أما اليسار فخصص لممثلي الشرق، وبيع خلال المزاد ما لا يزيد على 25 إلى 28 رأسا، كما بيع خلال المزاد 4 خيول من أجود السلالات في العالم، على رأسها حصان (قادر) الذى اشتراه (هيجل)، وعمره 26 سنة، والحصان الثاني كان لصالح النمسا، والحصان الثالث كان من نصيب السلطان العثماني، والحصان الرابع فاز به المليونير الصيرفي، والمثير للدهشة أن جميعها أصلها من الحصان العربي (قادر)، كما اشترى (هيجل) لصالح مزرعة الملك (فيورتيمبرج) حصانا آخر و3 أفراس، مما آثار نقلهم إلى ألمانيا غضب المصريين، ولكن كان من نصيب أهل القاهرة الغالبية العظمى من الخيول، ونقلت جميعها إلى مزارع الخيول الصغيرة الموجودة داخل القاهرة.
اقرأ ايضًا:
شرب الماء بكميات كبيرة يقي الخيول من برد الشتاء